هرمون الاستروجين وعلاقته بسن اليأس


تعاني السيدات من الكثير من المشاكل بعد سن اليأس (أو سن النضج) أو انقطاع الدورة الشهرية وتعتبر معظم هذه المشاكل ثانوية اذا تم التعامل معها منذ البداية، ولكنها قد تنتهي بمشاكل أخرى كبيرة مثل هشاشة العظام إذا تم اهمالها لذلك سوف نطرح في هذه الحلقة أسباب هذه المشاكل وكيفية تفاديها. 
ان هرمون الاستروجين (هرمون الانوثة) هو أهم ما يميز المرأة في سن الإنجاب، حيث إن هذا الهرمون هو المسؤول عن انوثة المرأة اي بمعنى آخر الدورة الشهرية ووظائف الاعضاء التناسلية، كما انه مهم للبشرة لدى السيدات ولتكوين العظام والمحافظة على قوتها. 
ان سن اليأس او انقطاع الدورة الشهرية يحدث عادة لدى النساء فوق سن الاربعين ويعتبر سن 51سنة هو السن الطبيعي لانقطاع الدورة الشهرية اي بمعنى آخر توقف نشاط المبيضين عن الإباضة نتيجة لانتهاء البويضات وتليف المبيضين وينتج عن ذلك هبوط نسبة هرمون الاستروجين في جسم المرأة (الذي يتم افرازه بواسطة حويصلات البويضات)، لذلك تعاني بعض السيدات في هذه المرحلة مبدئياً من الهبوب الساخنة التي قد تستمر بعد انقطاع الدورة الشهرية لمدة ستة أشهر إلى سنة أو أكثر وهي على شكل نوبات من الإحساس بالحرارة الفجائية ثم التعرق ابتداء من الرأس إلى الاسفل وتحدث بصورة متكررة وتكون هذه النوبات مزعجة للسيدات بشكل كبير، ولكن لا تعاني جميع السيدات منها بنفس الدرجة حيث انه من المعروف ان السيدات البدينات لا يعانين منها بشكل كبير على عكس السيدات النحيفات، وذلك لارتفاع نسبة هرمون الاستروجين لدى البدينات وتأخر انقطاع الدورة الشهرية لديهن، وتختفي هذه النوبات بصورة تلقائية بعد فترة من الزمن حيث يعتاد الجسم على فقدان الاستروجين، كما تعاني بعض السيدات عند انقطاع الدورة الشهرية من العصبية والتغير في المزاج والأرق الليلي وقد تلجأ البعض إلى الادوية المهدئة أو إ 
لى الاطباء النفسانيين لذلك. 
أما على المدى البعيد فإن السيدات بعد انقطاع الدورة الشهرية قد يعانين من مشاكل الهبوط المهبلي والجفاف المهبلي وكثرة الالتهابات المهبلية الفطرية، كما يكن عرضة لالتهاب المثانة بشكل أكبر وذلك لضمور خلايا المهبل والمثانة بعد سن اليأس وقد يعاني البعض من فقدان الرغبة الجنسية نتيجة لذلك أو الصعوبة اثناء الجماع نتيجة هذه المشاكل أو سلس البول وعدم القدرة في التحكم فيه وضمور الثدي وكثرة الشعر غير المرغوب فيه وكثرة النسيان. 
هشاشة العظام 
أما بالنسبة للمشكلة الكبرى بعد سن اليأس فهي هشاشة العظام أو لين العظام وهي تحدث بعد سنوات من انقطاع الدورة الشهرية وتنتج ايضاً عن انقطاع هرمون الاستروجين وبالتالي الزيادة في فقدان المعادن والكالسيوم من العظام خصوصاً في الخمس سنوات الأولى من سن اليأس بالإضافة إلى قلة الحركة لدى هؤلاء السيدات وعدم تعرضهن للشمس وهذا قد يؤدي إلى التعرض إلى كسور بشكل كبير في العمود الفقري أو اليد أو الفخذين عند التعرض لأي اصابة حتى لو كانت خفيفة كما يؤدي إلى انحناء الظهر وقصر القامة لدى هؤلاء السيدات بعد سن اليأس بسنوات وفقدان الاسنان في بعض الاحيان. 
أدوية 
ظهرت حديثاً العديد من الادوية التي تعالج اعراض انقطاع الدورة الشهرية فمثلاً الهرمون التعويضي (الاستروجين) وهو نفس الهرمون الطبيعي ويعطي للمرأة بعد انقطاع الدورة الشهرية، وذلك لمنع الهبات الساخنة التي تحدثنا عنها كما انه يؤدي إلى تحسن الحالة النفسية لدى المرأة في هذه الحالات، ولكن الفائدة العظمى لهذا الهرمون هو منع حدوث هشاشة للعظام لدى هؤلاء السيدات، ويعطى هذا الهرمون على شكل حبوب أو لزقات جلدية وفي حالة وجود الرحم يستخدم بشكل ضروري مع هرمون البروجسترون وذلك لحدوث نزف شهري مشابه للدورة الشهرية لدى هؤلاء السيدات وذلك لحماية الرحم من الأورام، اما في حالة عدم وجود الرحم أو استئصاله يستخدم هرمون الاستروجين منفرداً، ومن المنافع لاستخدام هرمون الاستروجين بعد سن اليأس هو من الالتهابات المهبلية المتكررة والجفاف المهبلي ومنع التهاب المثانة المتكرر والمحافظة على البشرة ونضارتها وتحسين الذاكرة، ولكن هناك بعض التحذيرات عند استخدام هذا الهرمون فمثلاً يجب الفحص الدوري على المهبل وعنق الرحم للتأكد من سلامته والتأكد من عدم حدوث أي نزيف مهبلي غير عادي، كما يجب فحص الثدي بشكل دوري واجراء فحص الثدي بواسطة الاشعة للتأكد من خلوه 
من وجود الأورام قبل البدء بأخذ الهرمونات ومتابعة الفحص سنويا بعد ذلك، حيث انه لا يزال الجدل قائماً على العلاقة بين اورام الثدي وهذه الهرمونات ولا يوجد حتى الآن اثباتات حقيقية حول هذه العلاقة ولكن يمنع اخذ هذه الهرمونات لأي سيدة لديها ورم خبيث في الثدي أو في أحد أقربائها حيث تم اكتشاف المورثات لهذه الأورام. وسوف تتوفر حديثاً التحاليل الكاشفة عن هذه المورثات وفي الوقت الحالي ينصح لأي سيدة تستخدم هذه الهرمونات بعدم الانزعاج من كثرة الجدل والنقاش حول هذا الموضوع، ولكن القيام بالكشف الدوري سنوياً لان هذه الاورام تحدث أيضاً لدى السيدات اللواتي لم يسبق لهن استخدام الهرمونات اطلاقاً. 
هناك بعض الموانع لاستخدام هرمون الاستروجين مثل حصول أي جلطة دموية سابقة أو أمراض الكبد والتدخين، كما ان هناك بعض الفوائد الاخرى المحتملة لاستخدام هذه الهرمونات مثل تحسين نسبة الدهون في الدم ومنع امراض القلب بعد سن اليأس. 
وفي حالة وجود مخاطر لاستخدام هرمون الاستروجين أو عدم رغبة المرأة في استخدام هذه الهرمونات فهناك العديد من البدائل المتوفرة مثل دواء الليفيال الحديث الذي يوفر للمرأة حماية من هشاشة العظام والجفاف المهبلي، كما يعطي الإحساس بالحيوية وزيادة الرغبة الجنسية لدى المرأة. وقد يحمي ايضاً من الهبات الساخنة والارق الليلي ولكن من مضاعفاته الزيادة الطفيفة في الوزن واحياناً التقلصات والآلام في العضلات، كما ان من مميزات هذا الدواء هو عدم حدوث اي طمث شهري وهو مناسب للسيدات اللواتي لا يرغبن بحدوث هذا الطمث بعد سن اليأس، كما انه ليس له اي علاقة بأورام الثدي، بل على العكس فإن آخر الدراسات تشير إلى ان هذا الدواء يقلل من نسبة حدوث أورام الثدي. 
اما بالنسبة لموضوع هشاشة العظام فهو يحدث لدى جميع السيدات بنفس الدرجة فمن المعروف حدوثه عند بعض السيدات بشكل كبير أكثر من غيرهن، حيث يعتمد على الكتلة العظيمة المتوفرة لدى السيدة عند انقطاع الدورة الشهرية لذلك يجب على السيدات مراعاة اخذ الكالسيوم والتعرض للشمس منذ الصغر وشرب كميات كافية من الحليب أو اللبن منذ الطفولة لتكوين كتلة عظمية جيدة تساعدهن عند سن اليأس، كما يتعرض بعض السيدات بصورة اكبر لهشاشة العظام خصوصاً المصابات بمرض السكر أو اللواتي يعانين من نقص الغدة الدرقية، يمكن الكشف عن هشاشة العظام بواسطة عمل الاشعة لكثافة العظام التي تعطي مدلولاً حقيقياً عن نسبة تكلس العظم أو هشاشته. 
الكالسيوم 
يستخدم الكالسيوم على شكل حبوب وفيتامين (د) بعد انقطاع الدورة الشهرية وحتى بعد سن الاربعين للحماية من هشاشة العظام، كما يستخدم هرمون الاستروجين في الخمس سنوات الأولى بعد انقطاع الدورة الشهرية للحماية من هشاشة العظام كما سبق ذكره، هناك بعض العلاجات الاخرى التي يمكن استخدامها لزيادة كثافة العظم والحماية من الكسور مثل عقار الفوساماكس وهو عقار يستخدم على شكل حبوب يومية في الصباح قبل الافطار أو على شكل حبة اسبوعية بنفس الطريقة وهو من انجح العقارات لعلاج هشاشة العظام لدى النساء والسيدات ولكن يجب التأكد من استخدامه في الصباح قبل الافطار وعدم الاستلقاء أو الاكل لمدة نصف ساعة بعد استخدامه حتى لا يحدث حرقان شديد في المعدة، كما يجب فحص وظائف الكلية بشكل دوري لهؤلاء السيدات، هناك بعض الادوية الاخرى التي تستخدم لعلاج هشاشة العظام مثل بخاخ المياكالسيك وهو بخاخ يستخدم يومياً عن طريق الانف ويعتبر مفيدا جداً لتخفيف آلام العظام الناتجة عن الهشاشة، يحدث احياناً نزف من الأنف لدى بعض المستخدمات لهذا الدواء ويعتبر ثانوياً يمكن علاجه بسهولة، من الادوية الاخرى التي تستخدم لعلاج هشاشة العظام هو دواء إيفيستا وهو ايضاً يعطى حماية للعظام 
ولكن من آثاره الجانبية لدى السيدات هو الزيادة في الهبات الساخنة والاحساس بالتعرق. 
نشاط حركي 
من المهم كما سبق ذكره قيام هؤلاء السيدات بنشاط حركي يومي مثل المشي والتعرض لاشعة الشمس الفوق بنفسجية اما وقت الضحى أو قبل الغروب لان هذا مفيد جداً. 
هناك بعض البدائل الاخرى لهذه العقارات تستخدم بعد سن اليأس للحماية من اعراضه وتعتبر بدائل طبيعية وهي عبارة عن اعشاب طبيعية تعطي بعض الحماية من أعراض سن اليأس مثل الهبات الساخنة وهشاشة العظام ولكنها بحاجة لدراسات لفترة اطول للتأكد من فاعليتها وخلوها من الآثار الجانبية. 
اما بالنسبة للسيدات اللواتي يعانين من الجفاف المهبلي بعد سن اليأس فإن هذه الاعراض تتحسن بشكل كبير مع استخدام هرمون الاستروجين التعويضي او عقار الليفيال ولكن في حالة عدم رغبتهن يمكن استخدام موضعي لكريم الاستروجين المهبلي الذي يحسن من ضمور هذه الخلايا المهبلية كما انه ليست له اثار جانبية مثل استخدام الحبوب، وفي حالة تعرضهن للالتهابات الفطرية ينصح باستخدام التحاميل المهبلية المعالجة لذلك. 
سلس البول 
اما بالنسبة لسلس البول الذي يحدث لاول مرة بعد سن اليأس فانه في حالة عدم وجود أي امراض عضوية في المثانة وعضلاتها وعدم وجود التهابات في المثانة يمكن تحسين ذلك بممارسة الرياضة المهبلية أو باستخدام عقار دتروبان الذي يمكن البعض من التحكم في البول وفي حالة فشل ذلك فانه يستخدم حالياً عملية وضع شريط مهبلي تحت الاحليل يمكن هؤلاء السيدات من التحكم في البول بشكل أكبر. 
أما في حالة حدوث هبوط في المهبل فهو يكون عادة على شكل درجات فعند وجود هبوط مهبلي بشكل بسيط ينصح بالرياضة المهبلية، ولكن عند وجود هبوط كبير في الرحم أو المهبل قد ينصح باجراء عملية رفع مهبلي أو استئصال للرحم ورفع مهبلي، ولكن في حالة وجود موانع لاجراء العملية تستخدم الحلقات المهبلية لرفع المهبل والرحم ويتم تغييرها مرة كل ثلاثة أشهر. 
الأورام 
اما بالنسبة للاورام الاخرى لدى المرأة التي تحدث بعد سن اليأس وليس لها اي علاقة بانقطاع الدورة الشهرية فمثلاً من المعروف حدوث اورام الرحم أو المبيض عند التقدم في سن لدى المرأة وهذا ليس له علاقة باستخدام الهرمونات أو انقطاع الدورة الشهرية لذلك يجب الفحص الدوري للسيدات عند التقدم في السن حتى عند عدم استخدامهن لاي من العلاجات السابقة للكشف المبكر من هذه الاورام لا سمح الله. 
أما بالنسبة لامراض القلب فمن المعروف ان نسبة حدوثها لدى السيدات اقل من الرجال قبل انقطاع الدورة ولكن بعد انقطاع الدورة الشهرية أو سن الياس ترتفع نسبة الاصابة بامراض القلب الشريانية، وذلك لان هرمون الاستروجين كان يحمي هؤلاء السيدات من الدهون الضارة ومن الإصابة بامراض القلب قبل سن اليأس، كما أن هناك بعض الدراسات ان استخدام عقار الليفيال يحمي من أمراض القلب بعد سن اليأس ولكن من المهم الانتباه إلى نوعية الغذاء في هذه المرحلة من العمر، والابتعاد عن تناول المواد الدهنية بشكل كبير بالإضافة إلى الزيادة في تناول منتجات الالبان كما ذكرنا. 
من المشاكل الثانوية الاخرى التي قد تعاني منها السيدات بعد سن اليأس هي المشاكل في الجهاز الهضمي مثل الامساك الشديد واضطرابات المعدة مثل الاحساس بالحرقان وهذا ايضاً ينتج عن ضمور بعض خلايا الجهاز الهضمي لذلك ينصح بالزيادة في شرب الماء وأكل الفواكه والخضروات والمواد التي تحتوي على ألياف طبيعية للتخلص من الامساك والابتعاد عن السكريات والدهون وفي حالة الامساك الشديد يمكن استخدام الملينات مثل شراب اللاكتلوز التي تحسن من نشاط الامعاء. 
اما بالنسبة لمشاكل البشرة فهي لا تحدث إلا بعد انقطاع الدورة لسنوات طويلة وهي ناتجة عن انقطاع هرمون الاستروجين والتقدم في العمر مثل ظهور بعض البقع الداكنة على الجلد وظهور بعض الشعيرات الطويلة في اجزاء متفرقة من الجسم بالاضافة إلى هشاشة الجلد والتجاعيد الناتجة عن فقدان الكولاجين وجفاف الجلد وسهولة الخدش لذلك يجب العناية بالجلد باستخدام الكريمات المرطبة وعدم التعرض للشمس الحارقة. 

الخلاصة 
وفي النهاية فإن سن اليأس أو انقطاع الدورة الشهرية هو حدث طبيعي في حياة المرأة يجب التعامل معه بشكل طبيعي وعدم الخوف من حدوثه لان هذه هي سنة الله في خلقه، كما ان السيدات يعشن لفترة طويلة بعد سن اليأس ويمكنهن التعايش مع هذه التغيرات الطبيعية ولا يعني توقف الحياة بالنسبة لهن، بل على العكس فهن أقدر على العطاء في هذه المرحلة من العمر حيث تنتهي مشاكل الحمل والولادة والدورة الشهرية والتفرغ للعمل والعبادة كما يمكنهن ممارسة حياتهن الزوجية بشكل طبيعي.
google-playkhamsatmostaqltradent